الهاتف البيولوجي-هايل علي المذابي (اليمن)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

الهاتف البيولوجي

  هايل علي المذابي    

•    ما هُو في مُتناول أيدينا ليس في شيءٍ مقارنة بما هو كامنٌ في أعماقنا، ألسنا أكثر إبداعاً من مُحاولة التجرُّد من إنسانيتنا؟
 إنَّ للمرء مِنَّا قُوىً رُوحيةً هائلةً لا تحدّها حُدودٌ ولا تُقيِّدها قُيود، قُوىً نائمةً في أعماقنا كماردٍ في زُجاجةٍ ينتظر مَنْ يُوقظه ويُخرجه منها.

إنَّ التكنولوجيا مهما بلغت من أسباب التطوُّر، تظلّ قاصرةً عاجزةً أمام إمكانيات الرُّوح البشرية وقُدراتها وتقنياتها، رُبَّما حُبّ الراحة - وأعني بها الذهنية - أعمى بصيرتنا عن حقيقة أنَّ «إنسانيتنا أقوى من التكنولوجيا »، حقيقةٌ تجاهلناها، حقيقةٌ تناسيناها.
إنَّ الساعة الإلكترونية - رغم ما وصلت إليه من دقَّةٍ ونظامٍ - ليست في شيءٍ أمام الساعة البيولوجية، دقَّةً ونظاماً وعملاً، ومهما تطوَّرت ستظلّ عاجزةً وقاصرةً أمامها.
ومثل الساعة البيولوجية، هُناك «الهاتف البيولوجي »، قد يكون المصطلح مُستفزَّاً ومُستثيراً ومُستنكراً لأوَّل وهلة، إلاَّ أنَّه حقيقةٌ لا محض خيال، ولنُعرِّف به، نطرق باباً يعرفه السواد الأعظم، وهو «التخاطر»، فـ «التخاطر » ظاهرةٌ تتولَّد لدى الإنسان على شكل قُوَّةٍ رُوحيةٍ هائلةٍ يستطيع من خلالها - إذا تهيَّأت له ظُروفٌ خاصَّةٌ تُحرِّره من القُيود البدنية - إدراك واستشعار أحداثٍ تقع في أماكن بعيدة، ويستطيع الشخص الذي يمتلكها أن يتبادل المشاعر والخواطر مع أرواح أشخاصٍ آخرين، يكفي أن يكون بينه وبينهم موضوعٌ ما أو علاقة تعاملٍ ما، وذلك هُو الهاتف البيولوجي.
ولكي نُؤمن بحقيقة «الهاتف البيولوجي » - «التخاطر » - يكفي أن نأتي بتعريفٍ لظاهرةٍ نُؤمن بها جميعاً، هي ظاهرة الحسد، «فالحسد قُوَّةٌ رُوحيةٌ هائلةٌ يستطيع صاحبها - إذا ما تهيَّأت له الظُّروف - أن ينتقم أو يحقد/يحسد، بأن يصدر موجاتٍ لم يتمّ التعرُّف على نوعيتها إلى حدِّ الآن، تُؤدِّي إلى إحداث انقلابٍ في حياة الشخص الذي يقع عليه الانتقام، مادِّيَّاً أو جسدياً أو نفسياً »، أعاذنا اللَّه وإيَّاكم من ذلك.
إنَّ مثل الساعة البيولوجية والهاتف البيولوجي، مثل الكثير من القُدرات والإمكانيات والتقنيات التي تنتظر مِنَّا الاتِّصال بها والتفتيش عنها في أعماقنا، فلماذا نُمجِّد أولئك الذين اُستشهدوا في ساحة المعركة؟ فالإنسان يُبدي شجاعةً مُماثلةً وهُو يغوص في أعماق ذاته.



  HAYYL83 @yahoo.com
  هايل علي المذابي (اليمن) (2009-06-06)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

الهاتف البيولوجي-هايل علي المذابي (اليمن)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia